ميتابوليتيك: أوراق سياسية

ميتابوليتيك: أوراق سياسية
27/12/2021

إن الأحداث الدائرة اليوم في شرق أوكرانيا بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها العسكري الناتو من جهة وروسيا من جهة أخرى له تأثير بالغ الأثر على بلادنا.

لقد زعم المعارض الإرهابي المنحدر من مدينة الأغواط العربي زيطوط رئيس التنظيم الإرهابي "حركة رشاد" والمقيم في لندن ببريطانيا أن رئيس الأركان محسوب على الجناح الروسي وإذا صحَّ ما زعمه فإن الأحداث القليلة الماضية تؤكد أنَّ هذا الجناح هو في أضعف مراحله بسبب حصار روسيا دبلوماسياً بطرد السفراء الروس من الدول الغربية واقتصادياً بتعطيل مشروع السيل الشمالي للغاز (ستريم 2) وعسكرياً بوجود عشرة آلاف عسكري غربي منهم 4 آلاف مُدرِّب أمريكي في أوكرانيا على تخوم الحدود الروسية.

تاريخياً لم تكن القيادة في الإتحاد السوفيتي وحتى القيادة الروسية تثق في قيادة بلاد مثل بلدنا لأنَّه في نظرها ولائها ليس مبدئي ولكن قائم على رؤيتها للتوازنات الجيوسياسية والعسكرية بين المعسكرين وتميل حيث تميل القوة وقدرة الطرف الذي يملك برقبة هذا النظام الذي هو في هذه الأثناء في يد فرنسا لا غير ولاشك، كما أنَّ جزءً كبيراً من قيادة البلاد بعد وفاة بومدين وحتى هذه اللحظة في كل القطاعات وفي المؤسسات وبخاصة المؤثرة والمتحكمة في النظام موالية على الإطلاق وطوال الوقت لفرنسا في السراء والضراء، وهذا الشيء ألمح إليه المعارض الإرهابي رئيس تنظيم "رشاد " الإرهابي العربي زيتوت فهو فسر حالة التقارب والتباعد بين الطرفين: بلادنا وروسيا المتارجح على أنه يؤكد أن الروس ليس لديهم ثقة في قادة بلادنا، وقد صدق إلى حد بعيد في ذلك الأمر والروس يعلمون ذلك جيداً وكل متابع للتاريخ الذي جمع بين البلدين في الزمن الحديث والمعاصر.


إنَّ المستفيد من هذا الوضع المربك في الفترة الأخيرة دولياً في أوكرانيا تحديداً في هذه الأثناء هي فرنسا وجناح فرنسا في بلادنا وحتى في منطقتنا وفي إفريقيا، لذلك بدأ الإعلام الغربي يسلط الضوء على مجموعة "فاغنر" الروسية وهي شركة عسكرية خاصة في مالي والعالم بأسره مليء بالمرتزقة والشركات العسكرية الخاصة التابعة لأمريكا وللكثير من الدول الغربية فرنسا وبريطانيا.


كما وبدأ الحديث عن عزم الطريقة التيجانية في دولة تشاد وهي دولة إفريقيا يسيطر عليها " دين التيجانية" وذلك من خلال التعبير عن رغبتها الصريحة في إرسال جنود تيجانيين تشاديين لأخذ مكان الجيش الفرنسي الذي يعتزم في الأيام القادمة مغادرة مالي بسبب الفاتورة البشرية والمالية الباهظة التي دفعتها جراء ذلك التواجد العسكري في ذلك المكان منذ 2013، وسيكون عمل الجنود التشاديين التيجانيين في مالي هو الحرب نيابة عن الفرنسيين المسلمين الجهاديين المتشددين هناك.


إنَّ الهجمة التي يتعرض لها الجناح الروسي في المؤسسة العسكرية في شخص بعينه من دول أوروبية ينطلق منها مرتزقة فرنسا وأمريكا وبريطانيا هو امتداد للحرب التي تشُنها أمريكا والغرب على روسيا في هذه الأثناء ومحاولة احتوائها وتدميرها في نهاية المطاف، كما تعبر عن رغبة فرنسا في رؤية عدم وجود أي تأثير روسي على بلدنا كما كان يحصل في فترة الثنائية القطبية، والتي يرون (الغرب: فرنسا/أمريكا) أنها انتهت بهزيمة خصمهم وبنصرهم وبالتالي هم يريدون تغيير قواعد اللعبة والخريطة الجيو سياسية وفق نظرة ورغبة ومصلحة الطرف المنتصر.


في خضم هذه الزوبعة الدائرة الآن في أوكرانيا استغلت فرنسا هذا الحدث والمتمثل في انشغال الروس بمعركتهم في أوكرانيا وقلبت الطاولة في بلادنا لصالحها، فبدأ الحديث عن رغبة بلدنا في الحوار مع فرنسا فيما يتعلق بملف الذاكرة، وهدأت النبرة الحادة للجناح الروسي عندنا، واستطاعت فرنسا من خلال ذراعها الأقوى من الجناح الفرنسي في المؤسسة العسكرية أن تجد حلاً مبتكراً لمعضلتها في ما يتعلق بحزب فرنسا الذي يعاني الشيخوخة ويكاد يندثر، وهذا الحل يتمثل في التوريث، بمعنى توريث مناصب الشيوخ والطاعنين في السن في حزب فرنسا مناصبهم لأبنائهم في كل مؤسسات الدولة على اختلافها وتنوعها.


لقد عملت أمريكا على احتواء الصين وكسر أجنحتها ونجحت في ذلك إلى حد بعيد، وعملت على تأديب الأتراك بالحرب الاقتصادية والإعلامية ونجحت إلى حد بعيد أيضاً، وهي اليوم تقوم بتكسير آخر عدو وإرجاعه إلى بيت الطاعة والذي نعني به روسيا.


على روسيا أن تؤسس لمدن وعواصم اقتصادية وسياسية وعسكرية احتياطية في وسط روسيا الفيدرالية بعيداً عن خط التماس بينها وبين الدول أوروبا الشرقية الوظيفية التي باتت حدائق خلفية لأمريكا وللحف العسكري الناتو.

على روسيا استغلال مجالها الحيوي في دول أوروبا الشرقية وفي القوقاز وآسيا الوسطى والمتمثل في الشعوب أو الأقليات الناطقة بالروسية.


على روسيا بعث الأحزاب الموالية لروسيا في هذه البلدان منذ الإتحاد السوفيتي وحتى في فترة تفكك الإتحاد السوفيتي وعلى احتضان الأشخاص الموالين للاتحاد السوفيتي والذين يقفون في خصومة مع القوميين من الموالين لواشنطن في هذه البلدان التي كانت تدور في فلك الإتحاد السوفيتي أو ما يعرف اليوم بفضاء ما بعد الإتحاد السوفيتي.


لقد كان الإتحاد السوفيتي سيداً في اشعال الثورات التحررية للشعوب المقهورة، لذلك تستطيع روسيا معاملة الغرب بالمثل وهي دعم الثورات التحررية من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تُطبق على أنفاس هذه الشعوب مكرهين فيها، ولكن قبل ذلك يجب على روسيا ايجاد نموذج سياسي واقتصادي متكامل جذاب كما هو الحال بالنسبة للنموذج الذي تعرضه أمريكا والغرب على دول العالم رغم وحشيته ورغبته في الهيمنة على مقدرات البلدان فبريقه أقوى ويشد بألباب الناس وبخاصة الشباب منه واستغلال قلة خبرته وجموحه الذي لا نهاية له.


يتحدث الضليع في الدساتير الجزائري أحمد (أحند) لعرابة أن مواد الهوية ستختفي في المستقبل من دستورنا، وليس دستورنا فقط بل في دساتير الدول النامية ومنها بلدان منطقتنا على وجه التحديد،سيكون ذلك في غضون الــ 10 سنوات القادمة وكأقصى تقدير ألــ 20 القادمة، اللجهة القبائلية وليس الأمازيغية وهي لهجات متعددة ومختلفة ومتضاربة التي دسترت وضعت لإزاحة مواد الدين واللغة العربية والمساومة عليها في المستقبل ليس إلا، العولمة الأمريكية تريد في المستقبل أن تخلق مجتمعات ملونة ليس فيها أي اتفاق أو وحدة على الإطلاق كما كان دائما الحال، الرجل الأبيض وقبل رحيله يريد أن يخلق حالة من الانقسام والفوضى والرذيلة والإباحية والتفسخ الأخلاقي والديني والاجتماعي لا حد له بحيث لا تبقي أحد وراءه أبداً بعد نهاية التي باتت على الأبواب فالله تعالى غاضب من أمريكا وأوروبا واليهود الصهاينة لأنّهم أعلنوا الحرب عليه.


يجب التذكير بأن كراهية جماعة الإخوان وجماعة تمازغا لمصر بالذات والذي أملاه هذا التحالف بين إخوان المنطقة المغاربية مع جماعة تمازغا شمال إفريقيا يعود إلى أسباب تاريخية وأخرى سياسية وهي مختصرة كالتالي:


أولاً، على مدى أكثر 92 سنة من تاريخ جماعة الإخوان وهي في حرب مع النظم العسكرية في مصر بالسلاح والاقتصاد والمخدرات والإرهاب والتهريب والفكر الهدام وغيرها من وسائل إضعاف الأوطان، وهذا هو سبب كراهية جماعة الإخوان للعسكر في الجزائر أو مصر أو تونس أو العراق أو في سواها من البلدان العربية.


ثانياً، بالنسبة للجماعة الثانية فإن مصر كانت طريق مهمة لعبور الرسالة المحمدية إلى إفريقيا (طول سواحلها البحرية على البحر الأحمر) بشكل عام والمنطقة المغاربية بصفة عامة، كما أنَّه في عهد الدولة الفاطمية في مصر تم انتقال آلاف من العرب المسلمين إلى منطقة شمال إفريقيا (بني هلال) في ظل الدولة الواحدة الدولة الإسلامية التي يسمح فيها لأي مسلم بغض النظر عن عرقه أو أصوله أو المنطقة التي ينحدر منها التنقل في أي بقعة من الدولة الإسلامية والسكن والاستقرار في أي بقعة منها في ذلك الزمن، لذلك ينبع حقد هؤلاء على مصر من هذا المنطلق.


ناهيك على دور مصر التاريخي المشهود له في دعم الثورة الجزائرية بالسلاح الروسي (الإتحاد السوفياتي/ مقابل النفوذ وكسب حلفاء ومساحات جيوسياسية وبيع وتصريف سلاحه وهذا ليس عيباً ولا حراماً حال كل الدول العظمى المصنعة للسلاح والراغبة في مناطق نفوذ في ظلّ ثنائية القطبية) وتهريبه عبر كل الحدود الجزائرية لمقارعة الاحتلال والاستعمار الفرنسي من البلاد وقد حصل ذلك الأمر سنة 1962، بالإضافة إلى أن مصر هي من أسست للنظام السياسي الجزائري الذي جاء بعد 1962 والذي انتهى في بوفاة الرئيس العروبي محمد بوخروبة المعروف بهواري بومدين.


ومنذ ذلك الحين وإلى الآن النظام السياسي تُسيطر عليه جماعة فرنسا سواءٌ من العسكريين أو المدنيين.



بقلم: الزمزوم عضو في حزب روسيا الموحدة


from منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب {

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.