هل هي صفعة كما تقُول مُعارضة الخارج أم صفقة كما تقُول السُّلطة؟ وإذا كانت صفقة فهي بين من ومن؟
هل هي صفعة كما تقُول مُعارضة الخارج أم صفقة كما تقُول السُّلطة؟ وإذا كانت صفقة فهي بين من ومن؟
آخر المستجدات في بلاد الواق واق (2)
ترى من هو الذي فاز بالجزائر في ظل الأحداث العالمية والإقليمية التي تدور حالياً في تلك الأماكن؟
سعت البلاد في الفترة الماضية إلى تعدد الشّراكات والشركاء لضمان قرارها العسكري والسياسي والاقتصادي، ولكن يبدو أن الأحداث الأخيرة في جميع المستويات وفي كلّ الأماكن قضت على هذا الحلم، وردّت الأمور إلى ما كانت عليه والذي ربح وفاز في آخر المطاف هو من كانت البلاد (الوطنيين/ الإسلاميين) تُريد التخلص من سطوته على الأقل، ذلك أنّ أطرافاً في سلطة البلاد ترفض التبعية لهذا البلد الاستعماري.
أقامت البلاد شراكات اقتصادية وحتى عسكرية (صناعات شاحنات وسيارات "بانز" علامة "ميرسيدس") وضمنت وقوف حكومة هذا البلد إلى جانب الشرعية الدولية في ما يتعلق بالقضية الصحراوية، ولكن مع رحيل السيادة "أنجيلا ميركل" تغيرت الأمور، ويبدو أن ألمانيا التابعة المذلولة للقرار الأمريكي في عهد الحزب الاشتراكي لألمانيا تتجه للانحياز المفضوح الظالم إلى الموقف المغربي فيما يتعلق بهذه القضية (قضية الصحراء الغربية)، واليوم تشهد العلاقات بين البلاد وألمانيا غموضاً كبيراً وعدم وُضوح في العلاقات.
أقامت البلاد علاقات وشراكات اقتصادية كبيرة مع إسبانيا وبخاصة في مجال الطاقة وضمنت البلاد موقفاً معتدلاً من هذا البلد الجار فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة، ولكن في أول اختبار لهذه العلاقة انقلبت إسبانيا على مواقفها المُعتدلة تلك وانحازت بشكلّ منحط وسافر إلى نظام المخزن على حساب الحق المشروع للشعب الصحراوي، ويعتقد أن بعض الأسباب التي دفعت الحكومة الاشتراكية في إسبانيا داخلي مُتعلقٌ بالهجرة السّرية الّتي هدّد بها نظام المخزن أوروبا على وجه العموم وإسبانيا على وجه الخصوص. وأُخرى تاريخية مُتعلقة بالوضعية القانونية لمدينتي "سبتة" و"مليلية"، واليوم تشهد البلاد وإسبانيا تدهوراً كبيراً للعلاقات فيما بينهما تُنذر بتراجع العلاقات إلى عتبة الصفر.
مع بداية الأحداث في أوكرانيا انكفأت روسيا إلى الوراء وكذلك الصين الّتي تراجعت هي الأخرى عن المستويات المُتقدمة الّتي كانت تُشكلها قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وبانتقال "فيروس إيميكرون" إلى أراضي الصين والحرب الاقتصادية الأمريكية التي تشهدها فإنّ العلاقة الروسية والصينية مع البلاد بدأت تضعف شيئاً فشيئاً عمّا كانت عليه قبل انتشار وباء كوفيد 19، وسنرى في الأيام والشُّهور المُقبلة تدهوراً في العلاقة بين البلاد وروسيا والصين وتراجعها إلى مستويات قياسية لاسيما سياسياً واقتصاديا وعسكرياً وكيف سينعكس ذلك على البلاد.
فرنسا محظوظة جداً فهي لم تُطلق رصاصةً واحدةً، ولم تتخذ أي خطوة للظفر بالبلاد وحدها "الصدفة" والظروف هي مكّنت فرنسا بالفوز بالبلاد من خلال حرب الوكالة الّتي تقُوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المضمار في هذه الأثناء، بخاصة ما تعلق بموضوع إفريقيا وشمال إفريقيا وتطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني ودعمه بالمُطلق وما تعلق بالأزمة الأوكرانية والحرب الاقتصادية الأمريكية على الصين (على زعامة العالم للعقود القادمة) وعلى روسيا (بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا).
أعتقد أنّه وقعت صفقة بين البلاد وإسبانيا في مسألة الموقف الجديد لإسبانيا على لسان حكومتها الاشتراكية الحالية والمُتعلقة بقضية الصحراء الغربية، فإسبانيا وعلى المستوى الخارجي تعيش ضغوطاً أمريكية وأوروبية وغربية ومن حلف الناتو غير مسبوقة للوقوف إلى جانبها في أحداث أوكرانيا (بحكم الإتحاد الأوروبي/ وحلف الناتو) كما أنّها تعيش ضغوطاً داخلية: الأولى، مُتعلقة بالحركات الانفصالية وفي المقابل توجسها من الوضع القانوني لمدينتي "سبتة" و"مليلية".
والثاني، ما تعلق بالهجرة السِّرية الّتي يدفع بها نظام المخزن على شواطيء إسبانيا وجزر الكناري وعلى حدود الإتحاد الإوروبي.
والبلاد أيضاً تعيش مُشكلةً تُهدد مصيرها والمُتمثلة في الصُّداع الّذي يشكله ما يسمى بـ "الحراك" وإن خفت قليلاً والّذي تسهم فيه المُعارضة في الخارج بشكل كبير وواسع، هذه المعارضة التي ينتشر أصحابها في مُعظم البلدان الأوروبية (أوروبا الغربية خُصوصاً) والّتي من بينها إسبانيا.
يبدو أن البلدين قَرْارا التخلص من هذه الضغوط لذلك اتفقا على صفقة تتم بينهما بحيث أن البلد تتسلم المطلوب لديها (إسبانيا) وهو أحد المُعارضين السِّياسيين للنّظام السّياسي من طرف إسبانيا مقابل قبول البلاد لموقف إسبانيا الجديد الّذي تقبل فيه بمُقترح المغرب لفكرة الحُكم الذّاتي للشّعب الصحراوي ولكن في إطار الدّولة المغربية، وقد تمت هذه الصفقة بإعلان إسبانيا عن موقفها الجديد ما تعلق بقضية الصحراء الغربية واستلام البلاد للمُتّهم المُتابع بقضايا.
ما يُدلل على هذا الكلام:
1 / تصريح الحكومة الإسبانية من أنّ حُكومة البلاد كانت على علم مُسبق بقرارها الجديد فيما يتعلق بموقفها من قضية الصحراء الغربية ونحن نُصدق إسبانيا ولا نُصدق السُلطة في البلاد لسبب بسيط أنّ الحُكومات الغربية تحكُمها مُؤسسات دُستورية وقوانين والأخطر من ذلك أنّه يُراقبها إعلام مُتشدد ولا مكان للخطأ في هكذا قضايا وأمور.
2 / خُروج الناشط "نكاز" بخرجة غريبة وهو يُمثل أطرافاً في النّظام وأخرى مؤثرة في هذا النظام ليقترح على المغرب تقاسم الصحراء بين البلاد والمغرب، وهي وجهة نظر جناح في السّلطة ولا شك سواءٌ العسكري منه أو المدني وبخاصة اللوبي الفرنسي واللوبي الأمريكي.
3 / تسليم المُتّهم المتابع من سلطات البلاد من إسبانيا ونقله بطائرة إسبانية خاصة بعد الاشتباك السياسي بين إسبانيا والبلاد بسبب الإعلان الجديد للحُكُومة الإسبانية وموافقتها على مُقترح الحُكم الذّاتي كــ "حل" للنزاع في الصحراء الغربية، فلو لم تكُن هُناك صفقة بين البلاد وإسبانيا وحدث خلاف حقيقي بينهما لما سلمت إسبانيا المُتّهم والمُعارض الموجود على أراضيها إلى السُّلطات الأمنية للبلاد بأي حال من الأحوال.
في هذه الصفقة الّتي تمت بين البلاد وإسبانيا فإنّ الاجرائين يخدمان البلدين تسليم مُتّهم مُقابل تفهم مواقف إسبانيا من طرف البلاد مع ضمان تدفُق الغاز إلى إسبانيا وأوروبا.
الضّحية في كلّ ما جرى هو الصحراء الغربية واللوبي الروسي والصيني في البلاد، لأنّه يبدو أنّ البلاد في ظلّ حُكم النُّخبة العسكرية والسّياسية الموالية لفرنسا وأمريكا تتجه للتنازل عن الصحراء الغربية لصالح المغرب، كما أنّها تتجه للتخلي عن الشُّركاء الصينيين والرُوس لصالح أمريكا وفرنسا والغرب وحلف الناتو والوقوف معهم ضدّ الشّرق.
بقلم: الحاج بوكليبات
from منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب {
أترك تعليقًا